ما قبل 25 يناير : مقدمة
أعداد مهولة ... لا لا كلمة مهولة ماتنفعش ... ممكن نستعمل أعداد هااائلة ... رهيبة ... جبارة ... منظر ماشوفتوش قبل كده غير فى الحج ... اللى راح بنفسه او شاف فى التليفزيون منظر الحرم فى وقت الحج
ميدان التحرير كان كده ...
عارفين فيلم النداهة ... والكلمة المأثورة ... دى النداهة ندهته ... أعتقد و أجزم ان دا اللى كان بيحصل لأى شخص يختلط بالأجواء دى
هتافات ضد سوء التعليم ... والفساد ... و البطالة ... والتعذيب فى أقسام الشرطة ... و منع الحريات و إغلاق القنوات والصحف و المواقع ... و التزوير الغبى الغشيم للإنتخابات ... و سرقة أراضى الدولة ... والسياسة الخارجية اللى بدأت تخسرنا أشقائنا و جيراننا
بشكل عام هتافات ضد سوء وفشل إدارة البلاد تم تلخيصهم كلهم فى هتاف واحد
الشـعب يـريــد إسـقــاط النـظــام
فى التلال و المدن ... دى قصة لكاتب انجليزي مشهور اسمه كليف باركر ... كان بيكتب وبيخرج قصص وافلام رعب و له حاجات كتير مشهورة
قصة فى التلال والمدن بتحصل حرب بين مدينتين بأسلوب عجيب أوى ... كل مدينة بيكونو جسم ضخم مكون من أجسادهم ... يعنى مثلا الأقوياء جسديا بيكونو فى القدم و فوق أكتافهم الأقل قوة وهكذا ... و فوق خالص فى منطقة الوجه والعينين .. بيكون الناس الأقوى نظرا ... وبيلتحمو ببعض ويشتبكو مع المدينة التانية
دا كان شعورى فى ميدان التحرير ليلتها ... اننا كيان واحد كبيييير جسم كبير وان انا مجرد جزء أوعضو منه
هتافنا ... حركتنا ...جلوسنا ... وقوفنا .... مشاعرنا .... و حالة الحب الفظيعة المريعة (غريبة ان الواحد يستخدم كلمات زى فظيعة و مريعة لوصف كلمة حب) اللى كانت منتشرة مابيننا .... أنا كنت حاسس بحالة حب جبارة بتجمع الكل ... كلنا خايفين على بعضنا ... كلنا محترمين ومقدرين بعضنا .... كلنا متشجعين ببعضنا
فى الجو دا ماحدش بيحس بالتعب أو الإرهاق أبدا ... موش عارف ليه
لمحة تانية من لمحات العبقرية ... فى شاب وبنت معاه ... ماشيين مع بعض وكانو بيلف يكلمو عساكر الأمن المركزى اللى محاوطنا والظباط بتوعهم ... لقيت فى واحد من حبايبنا ( مخبرين أمن الدولة ) اللى بطبيعة الحال تسللو ودخلو فى وسط الناس عشان يجمعو أى معلومات أو يحاولو يفهمو أى حاجة ماشى وراهم وعمال يقرب منهم أوى ويحتك بيهم بشكل فهمت منه انها محاولات تحرش بالبنت فى وسط الزحام
قربت من الشاب ودفعت أخينا بكتفى بحدة وعنف ووقفت ورا الشاب ... قام المخبر دا بص لى وهو بيضحك ولما لقانى مكشر ومتحفز قام وقف على بعد خطوات وعمل نفسه بيبص على حاجة تانية بعيد ... قمت رجعت لحسام وهو بيسألنى هو فيه ايه ... فلقيت الشاب و البنت اتحركو على جهة تانية ولقيت أخينا راح وراهم بردو ... قمت شديت حسام وقلت له تعالى ححكيلك بعدين وروحنا وراهم ... والمخبر اخد باله انى جيت وراه وعيني عليه فروحت قعدت جنب الشاب دا و قلت له خلى بالك من الشئ دا عشان ماشى وراكم ... فقاللى مين ... فشاورت له عليه فى وشه : وقلت له دا ... قام أخينا ادانا ضهره ومشى وغاب فى وسط الزحمة
حركات التحرش بالمتظاهرين موش جديدة عليهم وقبل كده هتكو عرض صحفيات فى وسط المظاهرات ... بيبقى الهدف انهم يفتعلو مشاكل ويحصل هرج و مرج ... و كل بنت و كل شاب يقول وليه البهدلة ... انا أروح بيتى أحسن
تخيلو ان دى الأساليب اللى شايفين انهم بيها يقدرو ينهو مظاهرة بالحجم دا ... دخلو فى وسطيهم كام مخبر يتحرش بالبنات والسيدات اللى موجودين ( اللى هما أرجل منهم ) وبكده تتفركش المظاهرة ... وكانو كل شوية يضربو نار فى الجو ... على أساس ان الناس تخاف تمشى
لكن اللى ماعملوش حسابه ... هى حالة الحب والتقدير والاحترام الكبيييرة أوى اللى كانت موجودة
وانا ماشى فى أرجاء الميدان شوفت ابراهيم عيسى كان حواليه زحمة كبيرة أوى طبعا وعلاء الأسوانى و عبد الرحمن يوسف و آسر ياسين
على فكرة احنا لسه فى يوم 25 و ماكانش يخطر على بالنا انهم حيوصلو لدرجة فصل الانترنيت والكهربا والميا
فعلا حكومة من العصر الحجرى ...
الساعة 12 بالليل انتشر خبر ان الأمن اللى محاصرنا من كل مكان حيهجمو علينا فى أى لحظة و بدأنا نتوزع على المداخل عشان مايبقاش التركيز على مكان واحد
على الساعة واحدة تقريبا سمعنا صوت ضرب نار ... فاعتقدنا انه ضرب نار فى الهوا بردو ... وفجأة لقينا سحابة دخان داخلة علينا
فجأة حسيت ان عينيا الدموع اشتغلت فيها مع حرقان رهيب زى مايكون حد خرط البصل فى عينيك وسيلان من الأنف واختناق وضيق بالصدر وصعوبة شديدة ان الواحد ياخد نفسه ... يعنى فعلا ممكن حد يموت بسببها و رجعت كل اللى كان فى بطنى .... وكل دا طبعا و الواحد موش شايف حاجة خالص وسامع وحاسس بناس بتجرى حواليا وناس بتصرخ و ناس وقعت فى الأرض .... و لقيت ناس بتقول انزلو المترو عشان تبعدو عن الدخان فنزلنا نجرى والكل ( و أقصد بالكل الناس و عساكر الأمن المركزى كمان ) عمال يكح و يرجع وبيحاول ياخد نفسه بصعوبة ... وكنت مستغرب ان عساكر الأمن المركزى موش معاهم أى حاجة وقاية من الغاز ... إيه الغباء دا ... يعنى الحكومة طردتنا احنا والأمن المركزى من الميدان ... المهم واحنا داخلين نجرى جوا المترو لقينا ناس جايا تجرى من جوا ووراهم أمن مركزى بيضربهم وبيقولو انهم ضربو غاز جوا كمان ... وكله يطلع برة تانى
طلعنا وجرينا فى الشارع اللى بيرجعنا على طلعت حرب ... و هناك لقينا بتوع أمن الدولة واقفين لابسين مدنى ومعاهم صواعق كهربائية وهجمو علينا .... و كانو لما بيوصلو لواحد بيكهربوه فى فخذه فبيقع على الأرض علطوول وبعدين ييجي كام واحد تانيين منهم يجرووه على الأرض لغاية العربية اللى بيجمعوهم فيها
المهم انا عديت منهم الحمد لله مع ناس تانية ودخلنا فى شارع جانبى يطلعنا على رمسيس .... على الساعة 2 تقريبا وصلنا رمسيس وجالنا خبر ان فى حظر تجوال فى منطقة الميدان على الأقل حيبدأ كمان نص ساعة
من رمسيس ركبت ميكروباص للبيت ... و دى كانت نهاية اليوم الأول بالنسبالى .... بالنسبة لحسام صاحبى اللى كان معايا .... طبعا آخر مرة شوفته كان ساعة ما ضربو علينا الغاز ... و على الساعة 6 الصبح عرفت انهم اعتقلوه من ضمن الناس اللى مسكوهم
--------------